فؤاد الفتاح - مشاريع - تقرير
التحكيم الهندسي... الخيار الأمثل لفصل النزاعات في اليمن
التحكيم الهندسي... الخيار الأمثل لفصل النزاعات في اليمن
تناولت العديد من التقارير المحلية أن قضايا العقارات والأراضي وغيرها من القضايا المرتبطة بأعمال البناء والتشييد تصدرت ما نسبته 80% من القضايا في المحاكم اليمنية والتي تعود أسبابها إلى تراكم تلك القضايا في أدراج المحاكم نتيجة عدم القدرة على الفصل بينها وأنها معقدة وشائكة.
وبحسب تلك التقارير أن أسباب تراكم القضايا سببها هو عدم وجود جهات متخصصة للتعامل مع مثل هذه القضايا ومنها المحاكم ذاتها التي تعاني من عدم القدرة في التعاطي مع ما تحمله القضايا من تفاصيل فنية وهندسية وتصميمية في الأغلب ولم يوجد لدى القضاء مختصين يستطيعون التعامل معها بما يحقق الفصل العادل والإنصاف بين المتخاصمين والتي تلجأ في العادة إلى ما يسمى بمفهوم المصالحة القبلية أو تغليب طرف على طرف بالتراضي حتى لا تتفاقم المشاكل بين الأطراف المتخاصمة.
منع النزاع قبل حدوثه
التعامل مع القضايا الهندسية أصبح واحدا من القضايا التي لم تعد تؤرق المحاكم والنيابات فحسب بل وصلت ذروتها إلى العديد من المؤسسات والجهات الحكومية المختصة والمعنية والتي تدخل هي الأخرى في خلافات مباشرة وغير مباشرة مع العديد من الجهات المنفذة للمشاريع بمختلف تخصصاتها المهنية ناتج قضايا تتعلق بالرقابة والإشراف والعقود وجداول الكميات والمخططات والمستخلصات وغيرها من المخالفات والأخطاء التي تنتج من طرف واحد أو يشترك فيها الطرفان (المنفذ – الجهة المالكة) فضلاً عن ما يسمى بقضايا المقاولات من الباطن أو المشاكل التي تبرز خلال أعمال التنفيذ في مواقع المشاريع لأسباب قبلية أو خلافات يتسبب فيها عادة المجالس المحلية.
التلاعب والإحتكار المحلي
إلى جانب الخلافات الإستثنائية والمتمثلة في التغيير المفاجئ لقيمة مواد البناء أو فارق الأسعار لأسباب إقتصادية عالمية أو التلاعب والإحتكار المحلي بالقيمة الشرائية لمنتجات بناء مواد البناء مما يعرض الجهة المنفذة إلى تكبد خسائر فادحة تتجاوز قيمة العقود وتؤدي في الغالب إلى توقف وتعثر سير الأعمال والدخول في مرحلة المتابعة بحثاً عن فارق الأسعار الذي يأخذ مداه إلى وقت زمني طويل الذي يخضع هو ذاته لسلسلة من الإجراءات التي تراها بعض الجهات ضرورية حتى تصل إلى مرحلة الإستجابة النهائية.
اللجوء الإجباري لبنود العقوبات والجزاءات
الخلافات الهندسية المستمرة لأسباب متعددة وفي ظل عدم توافق الأطراف المتخاصمة إلى حلول مجدية أو منصفة والتي تأتي نتيجة النفوذ الشخصي أو عدم وجود جهة متخصصة مستقلة تتولى عملية الفصل بناء على خبرات فنية لديها الكفاءة المهنية في التعاطي والتعامل مع مثل هذه القضايا والفصل فيها وصل المطاف في الآونة الأخيرة إلى إنتهاج المتخاصمين أساليب كثيرة في إسترجاع الحقوق.
وأدى ذلك إلى تفاقم الخلافات وصلت إلى حد المواجهات والإعتداءات نتيجة الشكوك والإمتعاض من الجانب الرقابي والإشرافي الذي يجعل المهندس في مرمى الكرة إن لم يكن الواجهة برمتها،وبذلك تصل التصرفات أحيانا إلى اللجوء الإجباري لبنود العقوبات والجزاءات وتطبيقها على أي من الأطراف المتخاصمة ناتج التصرف والتعامل وليس المعايير الفنية التي تبني عليها الأحكام ما يجعل أحد الأطراف أن يكون ضحية وربما يحرم نفسه من العديد من المشاريع الاستثمارية وغيرها من التعاملات المستقبلية الأخرى.
مستوى وحجم الأخطاء
ما تفرزه حقائق وتبعات تلك القضايا من تداعيات لا يتمثل في حجمها وطول أمدها أو الإنصاف من عدمه، لكن خلاصة الأمر هو ما يكمن وراء النتائج التي يقبل بها المتخاصمين لمجرد إنهاء ذلك الجدل والخلاف ،دونما أي معالجة لمحور النزاع ومعالجة ذلك الضرر التي تدور حوله القضية، وهذا يعني أن المصالحة تتم على أساس الخلاف الشخصي، وما يمكن إكتسابة لصالح الجهة نفسها وليس على أساس حل ومعالجة مستوى وحجم الخطأ الذي تعرضت له العين المتنازع عليها وخصوصاً في المشاريع وأعمال البناء والتشييد سواء كانت أعمال تتبع الملكية الخاصة أو الملكية العامة والتي تظل معاقة ومعرضة للخطر وهو ما يقلل من عمرها الإفتراضي الخدمي المتوقع ، وربما تتعثر وتتوقف لاسيما في المشاريع الحكومية الخدمية،والتي ترتبط ديمومتها وطبيعة الإستخدام لها ببرامج إقتصادية وتنموية وإجتماعية على المدى القريب والبعيد.
وبالتالي فإن هذا النوع من الحل اللحظي يفتح نافذة كبيرة لتكرار تلك الأخطاء والمخالفات وحتى النزاعات على كثير من المشاريع والأعمال على إعتبار أن تلك الحلول أصبحت واجهة ومثلاً يسير على شاكلته الكثير وهذا ما يؤثر على عدم قدرة الجهات المختصة في تطبيق القوانين وتفعيلها وتصبح عاجزة عن وضع حد لتلك المخالفات وضمان عدم تكرار حدوثها.
ومن هذا المنطلق ومما هو قائم من علامات ومسببات متشعبة ومبررات لا حصر لها، والتي من الصعب تقبلها أو التعامل معها.
رؤى إستراتيجية طموحة
وهو الأمر الذي أرق كثير من المحاكم والنيابات بل وأثر على مستوى الإنجاز والأداء وطبيعة التعاملات، فإن ما يمكن وضعة في هذا السياق من خيارات وأولويات هامه لمعالجة الوضع القائم وبما يسهل حالة التضخم الراهن للقضايا ويسهم في التخفيف منها يتمثل فيما ذهب إليه المركز اليمني للتحكيم الهندسي كمثال بسيط من رؤى إستراتيجية طموحة وهو الهدف الذي أنشئ لأجله المركز من خلال نخبة من الخبرات والكفاءات العالية والكوادر المهنية المتخصصة التي تتمتع بقدرة عالية في التعاطي مع كافة وأنواع قضايا التحكيم الهندسي.
ولما من شانه حل ومنع النزاع قبل حدوثه وغيرها من الأهداف الحديثة والمتطورة والمتمثلة في التعامل بمبدأ النزاهة والشفافية ومن منطلق معايير وشروط الخبرات والكفاءات وفق ضوابط محددة تعمل على الحد من العشوائية وتمددها في أعمال التنفيذ والبناء والتشييد في سوق العمل المحلي.إلى جانب الإدراك بأهمية تأهيل كافة الجهات التي يتم التعامل معها وبمختلف تخصصاتها المهنية عبر كياناتها من خلال تنفيذ العديد من البرامج المستمرة لخلق ثقافة مهنية وقانونية والتعريف الشامل بكافة القوانين والنظم والضوابط والتشريعات وبما يسهم في تطوير وتحسين الأداء المهني.
.